نعيش لنموت ونموت لنحيا
000
كيف لي أن أصور لكم كم الغضب الذي حل بي
كيف لي أن ارسم مشاعري المتمزقة
كيف لي أن أقص عليكم أوجاعي
نعم أوجاعي
لم أجد كلمة في مستواها لتحكى ما بداخلي ، لأن كل ما بداخلي – أوجاع
نعيش لنموت .. ونموت لنحيا
هكذا كانت أخر كلماتي
أنا إنسان ذهبت في مساعدة الشهداء والجرحى الذين سقطوا من جراء العدوان الغاشم والقصف العشوائي للمدنيين في غزة
طائرات تغير وتقصف النساء والأطفال – دبابات تطلق نيرانها على البيوت والسكان
صرخات هنا وهناك – وصيحات وبكاء وعويل
لم نعد نرى السماء خوفا من النظر إلى أعلى
ولم نعد نرى من لهيب النار ما حولنا
ولم نعد نرى من الركام والدخان ما أمامنا
الكل يركض وكأننا نسعى بين الصفا والمروة ، فليس هناك مكان ملاذا لأحد
فالبقعة الحمراء تملأ المكان كله
سمعت صرخات تنبعث من منزل قد دمر تماما - فعدوت إليه
فوجدت طفلة في عمر الثانية عشر تقريبا تحمل طفلا رضيعا تحتضن ركنا من المنزل وكلاهما يصرخ
أسرعت إليها واحتضنتها – وحاولت أن اخفف الرعب والذعر عنها لكنها كانت تنظر أليا
وكأن حال لسانها يتهمني بأنني الفاعل
سألتها أنت لوحدك ولا فيه حد معاك ؟ بدأت بالإشارة بيديها الضعيفتين لتشاور داخل المنزل وهى تصرخ أمي أبويا .. أمي أبويا
حملتها إلى خارج حطام المنزل - وعدت لأبحث عن أمها وأبيها ... وبعد مرور لحظات
عاد العدو ليغير على نفس المنطقة ... وبينما أنا ابحث سمعت صراخ الطفلة هي وأخوها فعدوت أليهم مسرعا فلم أجد سوى أشلاء مبعثرة بين الركام
فلم أستطع عمل شيئا سوى أنني اصرخ لتشق صرخاتي عنان السماء
لا أرى أمامي سوى نظرات الطفلة الثاقبة التي كانت تتهمني وكأنها تعلم أنني سأتركها تموت
آه
آه
آه
لو أنى أعلم لأدخلتهما معي
آه
آه
آه
لو أنى أعلم لتركتهما بالداخل
آه
آه
آه
لو أننى أعلم ما كنت أتيت
000
حامد أبو النجا