سعد زعلول
واحداً من زعماء مصر وقائد ثورة 1919، حظي بشعبية لم يحظى بها زعيم مصري من قبله، حتى لُقب بزعيم الأمة، وأطلق على بيته "بيت الأمة" وعلى زوجته صفية أم المصريين. وُلد سعد زغلول في 1 يونيو 1857 ببلدة أبيانه، التابعة لمديرية الغربية سابقاً وكفر الشيخ حالياً، حيث نشأ في أسرة متوسطة الحال، فكان أبوه إبراهيم زغلول عميد بلدته ومن أثرياء الفلاحين فيها، غير أن والده توفي وهو في السادسة من عمره، فتعهد بتربيته خاله، وألحقه بالكُتاًب ليتعلم مبادئ القراءة والحساب، ثم دفع به إلي الأزهر ليتلقي علوم الدين، وألف أثناء دراسته كتاباً صغيراً في فقه الشافعية، وتأثر أثناء هذه الفترة بالشيخ جمال الدين الأفغاني والإمام محمد عبده، والذي اختاره ليساعده في تحرير صحيفة "الوقائع المصرية" فانتفع زغلول كثيراً بصحبة الشيخ والعمل معه. مارس زغلول المحاماة تسع سنوات فأبدع ولمع اسمه وعظم شأنه في أوساط القضاء، وكان يدافع عن الفقراء بغير جزاء، وفي عام 1892 عُيّن في وظيفة نائب قاضٍ في محكمة الاستئناف، فكان أول محام في مصر يُعين قاضياً، وبقي في القضاء أربع عشرة سنة. عينته السلطات البريطانية الحاكمة في مصر آنذاك وزيراً للمعارف في نوفمبر 1906، وبقي فيها أربع سنوات وضع خلالها الأساس الراسخ الصحيح لنهضة التعليم الوطني وجعل اللغة العربية لغة التعليم بدلاً من اللغة الإنجليزية وأكثر من دور المعلمين ومكاتب القرى وفتح باب المجانية لتعليم الفقراء وأنشأ مدرسة القضاء الشرعي. انتقل سعد زغلول في فبراير1910 إلى الحقانية حيث عُين ناظراً للحقانية (أي وزيراً للعدل)، فعمد إلى إصلاح القضاء وعزز كرامته وأنشأ نقابة للمحامين. برز سعد زغلول كزعيم للأمة المصرية مع انتهاء الحرب العالمية الأولى، إذ طالب بتشكيل وفد من المصريين لحضور مؤتمر الصلح في باريس لعرض قضية استقلال مصر، فرفضت سلطات الاحتلال البريطاني ذلك واعتقلته ونفته في 8 مارس 1919 إلى خارج البلاد ـ في جزيرة مالطا ـ وكان ذلك سبباً في إشعال ثورة 1919، والتي تُعد أول ثورة شعبية بعد الحرب العالمية الأولى.. حيث أجبرت الثورة الشعبية الاحتلال الإنجليزي على الإفراج عن سعد وصحبه، فانتقلوا من مالطا إلى المغرب ومنه إلى أوروبا، ودعتهم السلطات البريطانية إلى لندن للتفاوض.. لكن الوفد المصري برئاسة زغلول طلب أولاً إلغاء الحماية البريطانية على مصر ثم بدء المفاوضات. عاد سعد زغلول ورفاقه إلى مصر بعد رفض لندن لطلبهم، وأعلنوا فور وصولهم إلى ميناء الإسكندرية أنهم عازمون على متابعة النضال لتحقيق الاستقلال المصري، فما كان من السلطات البريطانية إلا أن قررت نفي زغلول إلى منزله في الريف، ثم اقتادوه إلى منفاه الجديد في عدن في عام 1922، وشاركه في هذا المنفى مصطفى النحاس ومكرم عبيد وعاطف بركات وفتح الله بركات، غير أن زمن المنفى لم يطل. فبعد أقل من شهرين نُقل زغلول ورفاقه إلى جزر سيشل ومنها إلى جبل طارق، فما كان من نواب العمال والأحرار في مجلس النواب البريطاني أن ثاروا على هذا الاعتقال فاضطرت الحكومة إلى الإفراج عن سعد ورفاقه، فعادوا إلى مصر في سبتمبر 1923. تولى زغلول الحكم في مصر بعد انتصار ساحق في الانتخابات التي جرت سنة 1924، ودُعيت حكومته "وزارة الشعب"، وكانت أول حكومة دستورية مصرية تستمد قوتها من إرادة الشعب، غير أن عمر هذه الحكومة لم يطل أكثر من تسعة أشهر، إذ عادت السلطات البريطانية إلى التشدد في معارضتها، وتعرض زغلول في هذه الأثناء إلى محاولة قتل فأصيب برصاصة في صدره ولكنه لم يمت. ثم جرت انتخابات جديدة فاز فيها حزب زغلول بأكثرية المقاعد وأصبح يسمى بحزب الوفد واُنتخب سعد زغلول رئيساً لمجلس النواب. توفي سعد زغلول في 23 أغسطس 1927.